فصل: تفسير الآية رقم (17):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أنوار التنزيل وأسرار التأويل المشهور بـ «تفسير البيضاوي»



.تفسير الآية رقم (12):

{يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12)}
{يَدْعُواْ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ} يعبد جماداً لا يضر بنفسه ولا ينفع. {ذلك هُوَ الضلال البعيد} عن المقصد مستعار من ضلال من أبعد في التيه ضالاً.

.تفسير الآية رقم (13):

{يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13)}
{يَدْعُواْ لَمَنْ ضَرُّهُ} بكونه معبوداً لأنه يوجب القتل في الدنيا والعذاب في الآخرة. {أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ} الذي يتوقع بعبادته وهو الشفاعة والتوسل بها إلى الله تعالى، واللام معلقة ل {يَدْعُو} من حيث إنه بمعنى يزعم والزعم قول من اعتقاد، أو داخلة على الجملة الواقعة مقولاً إجراء له مجرى قول: أي يقول الكافر ذلك بدعاء وصراخ حين يرى استضراره به، أو مستأنفة على أن يدعو تكرير للأول ومن مبتدأ خبره {لَبِئْسَ المولى} الناصر. {وَلَبِئْسَ العشير} الصاحب.

.تفسير الآية رقم (14):

{إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (14)}
{إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار إِنَّ الله يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} من إثابة الموحد الصالح وعقاب المشرك الطالح لا دافع له ولا مانع.

.تفسير الآية رقم (15):

{مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15)}
{مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ الله في الدنيا والأخرة} كلام فيه اختصار والمعنى: أن الله ناصر رسوله في الدنيا والآخرة، فمن كان يظن خلاف ذلك ويتوقعه من غيظه. وقيل المراد بالنصر الرزق والضمير لمن. {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السماء ثُمَّ لْيَقْطَعْ} فليستقص في إزالة غيظه أو جزعه بأن يفعل كل ما يفعله الممتلئ غيظاً، أو المبالغ جزعاً حتى يمد حبلاً إلى سماء بيته فيختنق من قطع إذا اختنق، فإن المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه. وقيل فليمدد حبلاً إلى سماء الدنيا ثم ليقطع به المسافة حتى يبلغ عنانها فيجتهد في دفع نصره أو تحصيل رزقه. وقرأ ورش وأبو عمرو وابن عامر {لِيَقْطَعَ} بكسر اللام. {فَلْيَنظُرْ} فليتصور في نفسه. {هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ} فعله ذلك وسماه على الأول كيداً لأنه منتهى ما يقدر عليه. {مَا يَغِيظُ} غيظه أو الذي يغيظه من نصر الله. وقيل نزلت في قوم مسلمين استبطأوا نصر الله لاستعجالهم وشدة غيظهم على المشركين.

.تفسير الآية رقم (16):

{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (16)}
{وكذلك} ومثل ذلك الإِنزال. {أنزلناه} أنزلنا القرآن كله. {ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ} واضحات. {وَأَنَّ الله يَهْدِى} ولأن الله يهدي به أو يثبت على الهدى. {مَن يُرِيدُ} هدايته أو إثباته أنزله كذلك مبيناً.

.تفسير الآية رقم (17):

{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17)}
{إِنَّ الذين ءَامَنُواْ والذين هَادُواْ والصابئين والنصارى والمجوس والذين أَشْرَكُواْ إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة} بالحكومة بينهم وإظهار المحق منهم على المبطل، أو الجزاء فيجازي كلا ما يليق به ويدخله المحل المعد له، وإنما أدخلت إن على كل واحد من طرفي الجملة لمزيد التأكيد. {إِنَّ الله على كُلّ شَئ شَهِيدٌ} عالم به مراقب لأحواله.

.تفسير الآية رقم (18):

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18)}
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَسْجُدُ لَهُ مَن في السموات وَمَن في الأرض} يتسخر لقدرته ولا يتأتى عن تدبيره، أو يدل بذلته على عظمة مدبره، ومن يجوز أن يعم أولي العقل وغيرهم على التغليب فيكون قوله: {والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب} إفراداً لها بالذكر لشهرتها واستبعاد ذلك منها. وقرئ: {والدواب} بالتخفيف كراهة التضعيف أو الجمع بين الساكنين. {وَكَثِيرٌ مّنَ الناس} عطف عليها إن جوز إعمال اللفظ الواحد في كل واحد من مفهوميه، وإسناده باعتبار أحدهما إلى أمر وباعتبار الآخر إلى آخر، فإن تخصيص الكثير يدل على خصوص المعنى المسند إليهم، أو مبتدأ خبره محذوف يدل عليه خبر قسيمه نحو حق له الثواب، أو فاعل فعل مضمر أي ويسجد له كثير من الناس سجود طاعة. {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب} بكفره وإبائه عن الطاعة، ويجوز أن يجعل {وكثيراً} تكريراً للأول مبالغة في تكثير المحقوقين بالعذاب أن يعطف به على الساجدين بالمعنى العام موصوفاً بما بعده. وقرئ: {حَقّ} بالضم و{حقاً} بإضمار فعله. {وَمَن يُهِنِ الله} بالشقاوة {فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} يكرمه بالسعادة، وقرئ بالفتح بمعنى الإِكرام. {إِنَّ الله يَفْعَلُ مَا يَشَاء} من الإِكرام والإِهانة.

.تفسير الآية رقم (19):

{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19)}
{هذان خَصْمَانِ} أي فوجان مختصمان. ولذلك قال: {اختصموا} حملاً على المعنى ولو عكس لجاز، والمراد بهما المؤمنون والكافرون. {فِى رَبّهِمْ} في دينه أو في ذاته وصفاته. وقيل تخاصمت اليهود والمؤمنون فقال اليهود: نحن أحق بالله وأقدم منكم كتاباً ونبياً قبل نبيكم، وقال المؤمنون: نحن أحق بالله آمنا بمحمد ونبيكم وبما أنزل الله من كتاب، وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا ثم كفرتم به حسداً فنزلت. {فالذين كَفَرُواْ} فصل لخصومتهم وهو المعني بقوله تعالى: {إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة} {قُطّعَتْ لَهُمْ} قدرت لهم على مقادير جثثهم، وقرئ بالتخفيف. {ثِيَابٌ مّن نَّارِ} نيران تحيط بهم إحاطة الثياب. {يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسَهُمْ الحميم} حال من الضمير في {لَهُمْ} أو خبر ثان، والحميم الماء الحار.

.تفسير الآية رقم (20):

{يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20)}
{يُصْهَرُ بِهِ مَا في بُطُونِهِمْ والجلود} أي يؤثر من فرط حرارته في بطونهم تأثيره في ظاهرهم فتذاب به أحشاؤهم كما تذاب به جلودهم، والجملة حال من {الحميم} أو من ضميرهم. وقرئ بالتشديد للتكثير.

.تفسير الآية رقم (21):

{وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21)}
{وَلَهُمْ مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} سياط منه يجلدون بها وجمع مقمعة وحقيقتها ما يقمع به أي يكف بعنف.

.تفسير الآيات (22- 23):

{كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23)}
{كُلَّمَا أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا} من النار. {مِنْ غَمّ} من عمومها بدل من الهاء بإعادة الجار. {أُعِيدُواْ فِيهَا} أي فخرجوا أعيدوا لأن الإِعادة لا تكون إلا بعد الخروج، وقيل يضربهم لهيب النار فيرفعهم إلى أعلاها فيضربون بالمقامع فيهوون فيها. {وَذُوقُواْ} أي وقيل لهم ذوقوا. {عَذَابَ الحريق} أي النار البالغة في الإِحراق.
{إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار} غير الأسلوب فيه وأسند الإِدخال إلى الله تعالى وأكده بإن إحماداً لحال المؤمنين وتعظيماً لشأنهم. {يُحَلَّوْنَ فِيهَا} من حليت المرأة إذا ألبستها الحلى، وقرئ بالتخفيف والمعنى واحد. {مِنْ أَسَاوِرَ} صفة مفعول محذوف و{أَسَاوِرَ} جمع أسورة وهو جمع سوار. {مّن ذَهَبٍ} بيان له. {وَلُؤْلُؤاً} عطف عليها لا على {ذَهَبَ} لأنه لم يعهد السوار منه إلا أن يراد المرصعة به، ونصبه نافع وعاصم عطفاً على محلها أو إضمار الناصب مثل ويؤتون، وروى حفص بهمزتين وترك أبو بكر والسوسي عن أبي عمرو الهمزة الأولى، وقرئ: {لؤلواً} بقلب الثانية واواً و{لولياً} بقلبهما، و{لوين} ثم قلب الثانية ياء و{ليليا} بقلبهما ياءين و{لول} كأدل. {وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} غير أسلوب الكلام فيه للدلالة على أن الحرير ثيابهم المعتادة، أو للمحافظة على هيئة الفواصل.

.تفسير الآية رقم (24):

{وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24)}
{وَهُدُواْ إِلَى الطيب مِنَ القول} وهو قولهم {الحمد للَّهِ الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} أو كلمة التوحيد. {وَهُدُواْ إلى صراط الحميد} المحمود نفسه أو عاقبته وهو الجنة، أو الحق أو المستحق لذاته الحمد وهو الله سبحانه وتعالى وصراطه الإِسلام.

.تفسير الآية رقم (25):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25)}
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله} لا يريد به حالاً ولا استقبالاً وإنما يريد به استمرار الصد منهم كقولهم: فلان يعطي ويمنع، ولذلك حسن عطفه على الماضي. وقيل هو حال من فاعل {كَفَرُواْ} وخبر {إِن} محذوف دل عليه آخر الآية أي معذبون. {والمسجد الحرام} عطف على اسم الله وأَوَّلَهُ الحنفية بمكة واستشهدوا بقوله: {الذى جعلناه لِلنَّاسِ سَوَاء العاكف فِيهِ والباد} أي المقيم والطارئ على عدم جواز بيع دورها وإجارتها، وهو مع ضعفه معارض بقوله تعالى: {الذين أُخْرِجُواْ مِن ديارهم} وشراء عمر رضي الله تعالى عنه دار السجن فيها من غير نكير، و{سَوَآء} خبر مقدم والجملة مفعول ثان ل {جعلناه} إن جعل {لِلنَّاسِ} حالاً من الهاء وإلا فحال من المستكن فيه، ونصبه حفص على أنه المفعول أو الحال و{العاكف} مرتفع به، وقرئ: {العاكف} بالجر على أنه بدل من الناس. {وَمَن يُرِدْ فِيهِ} مما ترك مفعوله ليتناول كل متناول، وقرئ بالفتح من الورود. {بِإِلْحَادٍ} عدول عن القصد {بِظُلْمٍ} بغير حق وهما حالان مترادفان، أو الثاني بدل من الأول بإعادة الجار أو صلة له: أي ملحداً بسبب الظلم كالإِشراك واقتراف الآثام {نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} جواب ل {مِنْ}.

.تفسير الآية رقم (26):

{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26)}
{وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبراهيم مَكَانَ البيت} أي واذكر إذ عيناه وجعلناه له مباءة. وقيل اللام زائدة ومكان ظرف أي وإذ أنزلناه فيه. قيل رفع البيت إلى السماء وانطمس أيام الطوفان فأعلمه الله مكانه بريح أرسلها فكنست ما حوله فبناه على أسه القديم. {أَن لاَّ تُشْرِكْ بِى شَيْئاً وَطَهّرْ بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ والقائمين والركع السجود} {أَن} مفسرة ل {بَوَّأْنَا} من حيث إنه تضمن معنى تعبدنا لأن التبوئة من أجل العبادة، أو مصدرية موصولة بالنهي أي: فعلنا ذلك لئلا تشرك بعبادتي وطهر بيتي من الأوثان والأقذار لمن يطوف به ويصلي فيه، ولعله عبر عن الصلاة بأركانها للدلالة على أن كل واحد منها مستقل باقتضاء ذلك كيف وقد اجتمعت، وقرئ: {يُشْرَكَ} بالياء وقرأ نافع وحفص وهشام {بَيْتِىَ} بفتح الياء.

.تفسير الآية رقم (27):

{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)}
{وَأَذِّن في الناس} ناد فيهم وقرئ: {وَآذّن}. {بالحج} بدعوة الحج والأمر به. روي أنه عليه الصلاة والسلام صعد أبا قبيس فقال: «يا أيها الناس حجوا بيت ربكم، فأسمعه الله من أصلاب الرجال وأرحام النساء فيما بين المشرق والمغرب من سبق في علمه أن يحج». وقيل الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك في حجة الوداع. {يَأْتُوكَ رِجَالاً} مشاة جمع راجل كقائم وقيام، وقرئ بضم الراء مخفف الجيم ومثقله ورجالى كعجالى. {وعلى كُلّ ضَامِرٍ} أي وركباناً على كل بعير مهزول أتعبه بعد السفر فهزله. {يَأْتِينَ} صفة ل {ضَامِرٍ} محمولة على معناه، وقرئ: {يأتون} صفة للرجال والركبان أو استئناف فيكون الضمير ل {الناس}. {مِن كُلّ فَجٍّ} طريق. {عَميِقٍ} بعيد، وقرئ: {معيق} يقال بئر بعيدة العمق والمعق بمعنى.

.تفسير الآية رقم (28):

{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28)}
{لّيَشْهَدُواْ} ليحضروا. {منافع لَهُمْ} دينية ودنيوية، وتنكيرها لأن المراد بها نوع من المنافع مخصوص بهذه العبادة. {وَيَذْكُرُواْ اسم الله} عند إعداد الهدايا والضحايا وذبحها. وقيل كنى بالذكر عن النحر لأن ذبح المسلمين لا ينفك عنه تنبيهاً على أنه المقصود مما يتقرب به إلى الله تعالى. {فِى أَيَّامٍ معلومات} هي عشر ذي الحجة، وقيل أيام النحر. {على مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ الأنعام} علق الفعل بالمرزوق وبينه بالبهيمة تحريضاً على التقرب وتنبيهاً على مقتضى الذكر. {فَكُلُواْ مِنْهَا} من لحومها أمر بذلك إباحة وإزالة لما عليه أهل الجاهلية من التحرج فيه، أو ندباً إلى مواساة الفقراء ومساواتهم، وهذا في المتطوع به دون الواجب. {وَأَطْعِمُواْ البائس} الذي أصابه بؤس أي شدة. {الفقير} المحتاج، والأمر فيه للوجوب وقد قيل به في الأول.